مقال قراتة واعجبنى بقلم احمد سعيد نقلا عن فى الجول
تركزت كاميرات التليفزيون على لقطات الأكشن التي اجتاحت استاد القاهرة
ولكن الدراما الحقيقية كانت في مدرجات احتضنت بكاء حارا من بعض شباب "وايت
نايتس" المتهمين بإثارة أكبر مشاهد الشغب في السنوات الأخيرة.بعضهم وقف مذهولا يتابع المشهد لدقيقة أو دقيقتين قبل أن يعطي ظهره للملعب
ويرحل مطأطأ الرأس، أخرون حاولوا دخول الملعب لحماية ضيوفهم التونسيين
وطاقم التحكيم، فريق ثالث أخذ يلملم أوراقه وأعلامه ذات الألوان المبهجة
فيما فشل كثير من منع دموعهم."بكى الكثير على يوم كان المفترض أن يكون أكبر إنجاز لنا ولكنه تحول إلى
كارثة .. بكينا لأنها ربما تكون النهاية لكيان اهتممنا به طوال سنوات" هكذا
وصف المشهد لـFilGoal.com أحد الأعضاء المؤسسين للرابطة.وربما تكون كلمة "أباء" الرابطة أدق من تعبير المؤسسين لأن الجيل الأول
الذي صنع نواة "أولتراس وايت نايتس" في 2007 خصص كثيرا من الوقت والجهد كي
يصبح لها وجود مؤثر على الساحة الرياضية في مصر .. عاملوا هذا الكيان
الناشئ باعتباره طفلهم.ولكن تحولات كثيرة عبر هذه السنوات - وتحديدا في العام الأخير - كانت سببا
في اختطاف هذا الطفل الذي بلغ عامه الرابع في مارس المنقضي وأدى إلى تجميد
نشاط أحد أهم وأقوى روابط المشجعين في مصر، والتي ربما تكون في طريقها إلى
الانهيار التام بعد واقعة الإفريقي الأخيرة."هوليجانز"شهد العام الأخير ازديادا ملحوظا في عدد أعضاء الرابطة سواء بسبب نجاحاتها
المتتالية في الظهور بدخلات واحتفالات مبهرة أو مع تحسن نتائج الزمالك
الكروية.هذه الزيادات المضطردة فتحت الطريق أمام عناصر كثيرة من فئة عمرية أصغر
وربما تكون أقل إبداعا وأكثر ميلا للنماذج العنيفة لجماعات المشجعين
المعروفة باسم "هوليجانز" وهم من أخذوا في التكاثر حتى كونوا فريقا يكاد
يكون منفصلا ومعروفا داخل "وايت نايتس".ويعلق العضو المؤسس الذي طلب عدم نشر اسمه "أصبحوا يشكلون فصيلا واضحا، ومع
الوقت بدأ الصوت العاقل للأعضاء الكبار يختفي، وبات رأيهم غير مؤثر".كان الأمر يشبه الانقلاب أو اختطاف "وايت نايتس" من أصحابها، الذين بلغت
أعمارهم الآن منتصف العشرينات أو نهايتها فيما باتت الأغلبية من المراهقين
الذين لا يزد متوسط أعمارهم عن 19 سنة، وهو ما كان ظاهرا في ملامح وجوه
أغلب مجتاحي ملعب استاد القاهرة.
نهاية "وايت نايتس"
اندفاعهم، ميلهم للعنف، محاولة التميز عن طريق المواجهة بدلا من الابتكار،
إضافة إلى الاصطدام الدائم بالأمن في فترة ما قبل الثورة شكل من هذا الفصيل
الضخم قنبلة موقوتة وجدت الظروف المثلى لانفجارها في الدقيقة الأخيرة من
عمر مباراة بدأت احتفالا بالأحرار والثوار من الجانبين.تحريض واستعدادشحن المشجعين الهوليجانز بدأ من تونس، حينما قال إبراهيم حسن مدير الكرة في
تصريحات إذاعية إن ملعب المباراة كان يشبه المولد بسبب نزول أكثر من مشجع
إلى أرض الملعب، وأنذر المنافسين أن هذا الأمر سيتكرر في القاهرة.وأضاف إبراهيم حينها "أقول لجمهور الزمالك، ما حدث هنا يجب أن يحدث في مصر".وأخذ البعض تصريح إبراهيم حسن باعتبارها إشارة البدء للتخطيط لنزول جماعي
إلى أرض الملعب في حال اقتراب الوقت من نهايته والنتيجة في غير صالح
الزمالك.الأنباء الواردة من نادي الزمالك يوم الأربعاء الذي شهد التدريب الأساسي
وبداية معسكر المباراة أكدت أن بعض أعضاء الرابطة بالفعل اتخذوا التدابير
والاحتياطات التي تكفل لهم اجتياح الملعب.وكتب أحد هؤلاء بالفعل على صفحته في موقع Facebook لأصدقائه "لو الزمالك
خسر، هتشوفوني في أرضية الاستاد ان شاء الله" وحينما حاول أحدهم استيضاح
كيفية نزوله رد قائلا "هتشوف بنفسك"!كان الشاب صاحب الـ19 عاما متأثرا بـ"هوليجانز" دول شرق أوروبا (صربيا على
سبيل المثال) وبعض الروابط الفرنسية والإيطالية والإنجليزية الذين يتباهون
بالعنف والتخريب.ولكن هذا العضو ومن والاه تحركوا في تكتلهم الداخلي بلا اتفاق أو مباركة من
الكيان الأساسي لـ"وايت نايتس" الذين أصدروا بيانا نفوا فيه تبني أي فكرة
لإفساد اللقاء.وكان البيان صادقا، إذ كان الكيان الأساسي لـ"وايت نايتس" يستعد لأضخم عرض
في تاريخ الرابطة فيما كان أخرون يجهزون أنفسهم لإفساد الليلة بأكلمها.
لقد أهدروا في هذه اللحظة كل ما فعلناه ... ليس على مدار يوم المباراة فحسب، ولكن على مدار أربع سنوات
أحد مؤسسي "أولتراس وايت نايتس"
ثلاث دخلاتبدأت استعدادات الاحتفالية قبل خمسة أيام من المباراة، مجهود كبير ووقت
طويل وأموال دفعت لهذا الحدث، حتى أن الجمعة التي سبقت اللقاء تم تخصيصها
بالكمال للاستعداد لعروض ما قبل انطلاق صافرة البداية.ويوضح مصدر FilGoal.com أن الوجه الحقيقي للرابطة هو ما ظهر في دخلة
"أحرار" قبل البداية والتي كان مقصودا بها الاحتفاء بالمصريين والتونسيين
على حد سواء، وتجلى أيضا في عرض دخلتين أخرتين فيما وصف بأنه أقوى أيام
"وايت نايتس".وقال المصدر: "كان دورنا هاما طوال المباراة، التشجيع وإشعال الشماريخ
(رفعوا) الفريق معنويا مرتين في الشوط الأول حينما بدأت بعض الصعوبات تظهر،
وهو ما تكرر أيضا في الشوط الثاني للقاء".وتابع "ما حدث في نهاية المباراة لا يعبر عن نفس المجموعة التي قادت
البداية والوسط. لقد أهدروا في هذه اللحظة كل ما فعلناه ... ليس على مدار
يوم المباراة فحسب، ولكن على مدار أربع سنوات".وأضاف "الحزن يقتلنا لأننا أبدا لم نطلب أو نسعى إلى الفوضى، بل كنا نطلب
فقط معاملة محترمة من الأمن، نطلب عدم تهديد مستقبلنا الدراسي أو المهني،
لم نحصل أبدا على أموال من النادي أو من جهة أخرى، بل عرضنا التعاون مع
الأمن لتسليم العناصر المشاغبة حفاظا على وحدة الرابطة وصورتها الطيبة".بعد ساعات من كارثة استاد القاهرة، أعلنت الرابطة تجميد نشاطها لأجل غير
مسمى، وقالت في بيانها السابق ذكره أنها لا تعفي نفسها من المسؤولية.ولكن التجميد قد لا يكون أسوأ العواقب. فعودة "وايت نايتس" من جديد باتت
أمرا صعبا بعد الواقعة المؤسفة، وبعد انهيار علاقة الثقة مع القطاع الأكبر
من جماهير الزمالك، ناهيك عن الإعلام والأمن الذي سيعود إن آجلا أو عاجلا
إلى العمل بأقصى طاقاته.ربما لا يتمكن هؤلاء الأباء الباكون من استعادة طفلهم أبدا.